إن التفاضل الذي أقرته الشريعة الإسلامية بين الناس إنما هو في التقوى كما قال I : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] وبعد ذلك لا يبقى لمتغيرات الحياة الدنيا وزينتها ما يكون ميزاناً يعتمد لقياس تفاضل الناس، وتحديد منازلهم الاجتماعية وفي هذا يقول الرسول r :(( إن الله U قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهين أقوام فخرهم برجال أو ليكونن أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن)).
وبناء على هذا المبدأ الإسلامي لابد أن يتربى المسلم على الشعور بالمساواة مع الناس بغض النظر عن الوضع المالي، أو المكانة الاجتماعية، أو شرف النسب؛ بحيث يشعر بمبدأ المساواة الذي يزيل كل أسباب النفرة بين المسلمين، ليشع مكانها مبدأ الأخوة الإيمانية، ويكون العدل في النظر والأحكام على الناس لا يتأثر قوة وضعفاً بوضع الشخص الاجتماعي، وإنما يتأثر بدرجة تقواه الظاهرة في التزامه بالواجبات، وتركه للمنهيات.
إن من الضروري أن يتربى المسلم على هذا المبدأ الإسلامي حتى يأمن الناس جميعاً إلى حقوقهم، ويطمئن الأفراد بعضهم إلى بعض؛ إذ لا يمكن بحال أن يقوم المجتمع، وتزدهر الحياة في ظل التفرقة بين الناس، والإجحاف بالحقوق، فإن هذه المسالك إذا تفشت في المجتمع: فإنه إنذار بالهلاك، وتقويض للمجتمع من داخله.