إن البيئة الاجتماعية –مع كونها ضرورة لنمو الاستعدادات الوراثية- فإنها –مع ذلك- أهم العوامل المؤثرة في تشكيل الشخصية الإنسانية للفرد، حتى إنها قد تكون –عند البعض- العامل الوحيد المؤثر في شخصية الإنسان وكيانه، ومن المعلوم أن السمات الشخصية هي أكثر السمات الإنسانية تأثراً بالبيئة، والإنسان لا يستطيع أن يكوِّن شخصيته المستقلة، وذاته الخاصة إلا من خلال الاتحاد مع الجماعة، والوعي المستمر بها حتى يكمل له بناء نفسه، فالآخرون "هم الذين يسهمون في إعطائه تعريفاً لذاته، كما أنهم المرآة التي تنعكس فيها صورة هذه الذات"، فيقوم الفرد من خلال تفاعله الاجتماعي بتشرُّب "كل ما يجده من الآخرين؛ ليستخلص من هذا كله مفهوماً للذات".
إن شخصية الفرد الذاتية، والدور الخاص بكل نوع من نوعي الإنسان –الذكر والأنثى- يتحدد مع الوراثة من خلال البيئة الخاصة بكل جنس، فتنمو الذوات، وتُبنى الشخصيات على النَّمط الذي يرسمه المجتمع لطبيعة كل جنس، فالإنسان بنوعيه لا يعدو أن يكون نتاجاً لهذه التفاعلات الاجتماعية والثقافية التي يعيشها في البيئة من حوله، فالوسط الرجالي والنسائي يحدد للفتى وللفتاة من خلال التفاعل الاجتماعي، والاستعداد البيولوجي: ذاتهما، وشخصيتهما الذكورية والأنثوية المتميِّزتين.