إن من طبيعة الإيمان باليوم الآخر، وبما يجري فيه من الأحداث العظام: أن يبعث في نفس المؤمن رهبة وخشية، وشيئاً من القلق والاضطراب الذي يشمل كيان الفرد كلَّه، كما قال I : {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ….} [الشورى:18]، فهذا الإشفاق مقصود في حد ذاته؛ لأنه الباعث على العمل والاجتهاد في طاعة الله تعالى، والارتقاء في سلَّم الكمالات والطاعات، وتجنب المعاصي والمنكرات.
وقد دلَّ البحث الميداني على أن الشباب من الجنسين: أنهم يشعرون بهذا الخوف، ويفكرون في الجنة والنار، والحياة بعد الموت، ويستشعرون تقصيرهم في جنب الله تعالى وذلك مما يستوجب استغلال هذا الإحساس الصادق عندهم في توجيههم نحو الخير، وإلزامهم منهج الإسلام، والكفَّ عن المعاصي.
ومن المستحسن عند استخدام جانب الخوف أن يكون باعتدال، وأن يتوازن مع جانب الرجاء -كما هي قواعد الشرع- لأن زيادة الخوف عن حده، والشعور بالإثم، وتأنيب الضمير: قد يسوق بعض الشباب إلى شيء من الصراع النفسي والعصاب، ويقلل من الدور الفعَّال لتأثير الخوف عندهم، ومن المعلوم أن نزعة الخوف - مع حاجة الإنسان إليها- إذا زادت عن حدها المطلوب، وقويت أكثر مما يجب: أفسدت الحياة، وجلبت الخراب والدمار، وما أدلَّ على هذا من حال فرقة الخوارج، التي غلَّبت جانب الترهيب، وألغت جانب الترغيب، فكان التكفير والتضليل والفساد، والحق هو الاعتدال بين الوعد والوعيد، وهو منهج الإسلام الوسط.