7ـ تكوين الإرادة الصادقة عند الفتاة لاكتساب الأخلاق الحسنة

إذا حصلت للفتاة المسلمة القناعة الكافية بوجوب التحلي بالأخلاق الفاضلة، والتخلي عن الأخلاق الرديئة، وإمكانية ذلك من خلال التربية: فإن هذه القناعة في حد ذاتها لا تكفي حتى تجتمع لها الإرادة الصادقة الدافعة للعمل بموجبها، فإن موضوع الأخلاق لا يعدو بجملته أعمال الإنسان الإرادية، فهو لا يُؤاخذ ولا يُحمد بما صدر عنه بغير قصد أو إرادة من الدوافع أو الكوابح، إذ لا بد للسلوك الخلقي من إرادة باعثة، تصدر عن تفاعل القدرات العقلية مع المثل العليا، بحيث يجتمع للفعل الخلقي مع المعرفة: الرغبة الأكيدة والعاطفة الدافعة نحو العمل.

وممارسة الإنسان للأخلاق الصالحة يحصل بأحد طريقين: إما أن يأتي فرضاً على إرادته من الخارج، وإما أن يأتي من داخله بعد التأمل والاعتبار، وهذا هو المعوّل عليه، لما فيه من صدق الإرادة والقصد، وخلوص النية، التي عليها مدار قبول الأعمال الصالحة، كما جاء في الحديث:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى…).

ومما ينبغي أن تدركه الفتاة أن السلوك الخلقي – مهما كان في ظاهره حسناً – يفقد قيمته إذا جاء مفرغاً من الإرادة الصادقة؛ لأن المقاصد والنِّيات روح السلوك الأخلاقي، وصورته الباطنة، فلا بد أن يتواقر للسلوك الأخلاقي شرطان، الأول: الجانب الظاهر من السلوك، والذي يتمثل في القوانين الأخلاقية الشرعية، والثاني: حسن المقصد، بحيث يتطابق سلوك الإنسان الظاهر مع إرادته الباطنة، وهنا فقط يُعد السلوك أخلاقياً، ويُحكم عليه بالخير أو الشر، ما دام صاحبه يقوم به عن عمد واختيار، ويعلم – وهو يتعاطى العمل – أنه يعمل صواباً أو خطأ.

وإذا اجتمع للفتاة حسن المقصد الباطن، وسلامة السلوك الظاهر: انتفى عن عملها الخلقي صفة النفاق أو الرياء، وعُدَّ الخلق أصيلاً في نفسها، ثابتاً في سلوكها، يصدر عن رغبة وسهولة ويسر، وهنا يُسمى الخُلُق خٌلقاً؛ وإلا فلا خير في خلق مُتَكلَّف لا أساس له في النفس، ولا رسوخ له فيها، وأكثر ما يُقال فيه: أنه ضبط للنفس، وليس خلقاً لها.