5ـ تعريف الفتاة أهمية التحلي بالأخلاق الحسنة

الأخلاق أخص أوصاف الإنسان، وهي "الأصل في كل عمل، وحسنُها هو الأصل في كل نفع، وما الفعاليات الإنسانية الأخرى إلا فروع لها"، والمتأمل في النصوص الكثيرة الواردة في فضل الأخلاق، ومكانتها في التصور الإسلامي: لا بد أن يقتنع بسموِّها، وضرورة التزامها، حتى وإن ضعفت به العزيمة عن ممارستها في سلوكه، فمن هذه النصوص قول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل:90] وقوله عليه الصلاة والسلام:(إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً), وقوله:(ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق), وبيَّن r أن الأخلاق الفاضلة محبوبة لله تعالى، وأن الساقط منها مبغوض عنده U حيث قال r :(إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفسافها), فجعل الأخلاق الفاضلة أعظم ما يحرص عليه المسلم بعد الإيمان، وأغلى ما يدخره لنفسه عند ربه U ، وخص u المرأة بحسن الخلق حين سئل:(أي النساء خير؟ قال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره),فربط عليه الصلاة والسلام بين جمال الظاهر في حسن الخلْقة، وبين جمال الباطن بحسن الخُلُق، وهذا أكمل ما يكون من الفتاة، فإن هناك علاقة بين الجمالين حيث يتشابهان في الحسن والقبح، فإذا لم يحصل التشابه بينهما فإن جمال الباطن يزين الصورة الظاهرة ويُجمِّلها، حتى وإن لم تكن جميلة، وفي الجانب الآخر حذر عليه الصلاة والسلام من سوء الخلق، حيث قال فيما روي عنه: "الشؤم سوء الخلق"، ورُوي عنه في تصنيف أخلاق النساء أنه قال: "النساء على ثلاثة أصناف: صنف كالوعاء تحمل وتضع، وصنف كالعرِّ وهو الجَرَبُ،  وصنف ودودٌ ولودٌ مسلمة تُعين زوجها على إيمانه، وهي خير له من الكنز".

إن من الضروري لضمان تطبيق الأخلاق الفاضلة، وتجنب الأخلاق المذمومة: أن يحصل للفتاة القناعة الكاملة بضرورة هذه الأخلاق، وأهميتها لحياتها، وضروريتها لكمال شخصيتها، وحاجتها الملحة للأخذ بها، فإن مجرَّد استيعابها لهذه النصوص، والعلم بها: لا يكفي لدفعها نحو التطبيق، فكم ممن يدرك الخير ويعرفه، ثم لا يسعى إليه ولا يأخذ به، لهذا فإن من الضروروي حصول القناعة العقلية بأهمية الأخلاق الحسنة، وضرر الأخلاق السيئة، فإن تكوين الأخلاق لا يتم إلا بعد حصول هذه القناعة الراسخة، بحيث يصبح السلوك الخلقي الفاضل: قاعدة مقبولة، والسلوك الخلقي الساقط: سُقماً نفسياً يحتاج إلى علاج، ومن ثمَّ يحصل الميل النفسي نحو الفعل الخلقي الصائب، ثم الممارسة والتكرار، حتى يصبح الخلق سجيَّة في النفس يصدر عنها دون تكلُّف.

ولما كان ميل الفتيات إلى المبادئ الأخلاقية أكبر من الفتيان، وحماسهن لها أعظم: كانت وسائل إقناعهن بها أيسر وأقرب للقبول، خاصة إذا عُلم: أن الأخلاق تقوم على جوانب فطرية، وعقلية،ودينية… وأن الفطرة يكملها الشرع، وأن الأحكام العقلية الإنسانية المتفق عليها لا يمكن أن تختلف مع ما شرع الله"، فيكون هذا الرصيد الفطري ذخيرة جيدة تبني عليها التربية نهجها في توجيه الفتيات، وإقناعهن بهذه الأخلاق، حتى يندفعن بجدية تجاهها للتطبيق والممارسة.