إن من وسائل إحياء الإيمان بالرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام -بعد معرفة مكانتهم- النظر في أحوالهم وأخلاقهم، وما كانوا عليه من صفات الكمال الخلْقي والخُلقي؛ فإنهم في القمة من ذلك، فقد حباهم الله جمال الصورة الظاهرة، في كمال البنية الجسمية، واتساقها، وحفظهم من كل ما ينفِّر عنهم: من الأدواء المعدية، والأمراض الخبيثة، وأنعم عليهم بكمال العقل والفطنة، وسعة الإدراك، وسرعة البديهة، وفرط الذكاء.
كما تفضل عليهم I في الجانب الخُلُقي بأن عصمهم من الكبائر والصغائر، وما تسْقط به المروءة، وحفظهم من الخطأ إلا ما كان صادراً عن اجتهاد أو سهو لا عن عمد، فمن كانت هذه حاله كان أسره للقلوب آكد، والقناعة به، وبما جاء به أعظم في نفوس أتباعه، فإن الطبيعة البشرية كانت ولا تزال تتأثر بالسَّمت الحسن، والمنظر الحسن، أكثر من تأثرها بالقناعات الفكرية المجرَّدة.
ولما كانت رسالة الإسلام هي الخاتمة للرسائل السماوية وأكملها، وأعظمها، وأنفعها للخلق: كان صاحبها عليه الصلاة والسلام هو أيضاً أعظم الأنبياء وأكملهم خلْقاً وخلُقاً؛ فمن اطلع على جانب من سيرته العظيمة: ملكه الإعجاب، وأسره الحب، وملكت شخصيته الفريدة شغاف قلبه.
إن التاريخ البشري لم يحتف بشخصية بقدر ما احتفى بشخصية الرسول محمد r من جهة الكم والكيف، والكثرة والتنوع، فهو يمثل أعظم حقيقة للإنسانية المستخلفة في الأرض، ولا تزال الأجيال المتلاحقة تستمد هدي هذه الشخصية ونورها بقدر ما تطيق تحمُّلهُ من الحقائق الكبرى، وجوانبها المشرقة.
إن الاطلاع على شخصية الرسول الأعظم محمد r من حيث أنه هو أفضل الرسل والأنبياء: يُعد من أعظم وسائل تنمية الإيمان بالرسل جميعاً، فإنه عليه الصلاة والسلام هو النموذج النبوي الكامل، الذي صَلحَ لتمثيل باقي الرسل والأنبياء، من جهة كمال الرسالة ومضامينها، ومن جهة نموذج القدوة البشرية الكاملة في الخلْق والخلُق.