لقد جبل الله تعالى ملائكته الكرام على الطاعة،ومحبتها، حتى إنهم علَّلوا تحفُّظهم من خلق آدم u بخوفهم من وقوع العصيان في الأرض؛ فالطاعة فيهم جبلَّة لا ينفكون عنها لأنهم خلقوا بعقول لا شهوة معها، فهذا مجال واسع لاقتداء المكلفين - والفتاة منهم- الذين خلقوا بعقول وشهوة، "فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة".
كما أن التسبيح عندهم كالنفَس عند الإنسان، فمن كَثُرَ تسبيحه من المكلفين كان بالملائكة مقتدياً، ثم إن الخوف والخشوع لا ينفكَّان عنهم -رغم منزلتهم عند الله تعالى- فمنهم من لا يرفع رأسه حتى قيام الساعة في خشوع تام، ويقول يوم القيامة: "لم أعبدك حق عبادتك"، فهذا السلوك من الملائكة يبعث في نفس المؤمن الشعور باحتقار الجهد البشري الضئيل، أمام هذه الجهود العبادية العظيمة، ويُشْعر بالتقصير في جنب الله تعالى، وأن الخلق مهما بلغوا من العبادة والتنسُّك لن يُوفُّوا الله حقه من العبادة التي يستحقها I لذاته وجلاله.