15ـ الاعتماد على الوحي للإيمان بالملائكة

من الضروري للمؤمن تلمس الوسائل التي تقوِّي في نفسه الإيمان بالملائكة، وبوجودهم باعتبارهم خلقاً من خلق الله تعالى، قام الدليل على وجوب الإيمان بهم، فإن المؤمن لا يعجز أن يجد من الوسائل المشروعة ما يساعده على تنمية إيمانه بجوانب الغيب المختلفة، التي جعلها الله U مفتاحاً لشخصية المسلم؛ إذ بغير الإيمان بالغيب لا يكون للإنسان المؤمن كيان يستقر عليه، أو سلوك يُميِّزه عن غيره.

إن عالم الملائكة من أمور الغيب، المحجوبة عن الإنسان، فلا يكون الإيمان بها إلا من خلال تنزُّل الوحي المبارك على الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، وبغير هذه الوسيلة: تكون المعلومات خرْصاً، وتكهناً بغير علم، ومن جهة العلم الحديث أيضاً فإن الإنسان عاجز عن أن يثبت شيئاً من عالم الغيب مخبريًّا، فهذا بعيد المنال، ومن هناك لا بد من الإيمان بهذا العالم من خلال الأخبار الصادقة المنزَّلة دون غيرها.

وقد حفل الوحي المبارك بأخبار الملائكة الكرام في آيات متعددة من كتاب الله العزيز، تتحدث عن أحوالهم، وطاعتهم لربهم، ونزولهم بالوحي، وقيامهم على مخلوقات الله تعالى، وغيرها من التكاليف، كما حفلت السنة المطهرة عن النبي الكريم r بأخبار كثيرة عن أحوال الملائكة، وطبيعتهم، وشيء من عظيم خِلْقتهم، فهذه الأخبار الصادقة المتواترة بخبرهم مع قيام إجماع الأمة المسلمة على ذلك، وإيمان غالب الطوائف البشرية بوجودهم على نحو من الأنحاء، كل ذلك لا يدع للمسلم أدنى شك في اليقين بوجودهم، والإيمان بهم، فلا مجال للنظر إذا وُجد النص الواضح الصحيح، فإن "العقل مع النقل كالعامي المقلِّد مع العالم المجتهد"، ليس له سوى التسليم للخبر الصادق، فالحجة حجتان: "عيان ظاهر، أو خبر قاهر"، وليس هنا من مشاهدة، سوى الخبر الصادق في وحي الله المبارك.