إن غياب المعتقدات الصحيحة، والدين الحق، يحدث في النفس البشرية خلخلة عظيمة، وفراغاً رهيباً قد يدفع الإنسان إلى نبذ دينه بالكلية، وربما ساقت البعض شدة العذاب النفسي، والاكتئاب إلى تحطيم الذات، والسعي في فنائها، في حين "أن الإنسان المتمسك بالعقيدة الصحيحة، والدين الحق لا يصاب بالأمراض النفسية، ويعيش مطمئن النفس مستقر الحال مهما كانت الظروف والأحوال، ويكون اطمئنانه ودرجة رضائه عن حاله بقدر تمسكه ودرجة تدينه"، فالإيمان على الحقيقة هو أعظم عنصر مُسْعد في حياة الإنسان على الإطلاق، وبغيره لا يكون للحياة حقيقة لها مغزى تستحق من أجلها البقاء.
ويُعبِّر الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي وليام جيمس (ت1910م)، عن أهمية الإيمان للاستقرار النفسي فيقول: "إن للإيمان بالله مكاناً طبيعياً في نفوسنا، فتبقى النفس مضطربة وثائرة حتى تصل إليه وتدركه، وحينئذ تمتلئ هدوءاً وطمأنينة"، فهذا التعبير -وإن كان من غير مسلم- إلا أن فيه إشارة واضحة إلى أهمية الاستقرار النفسي للإنسان، وأنه لا يتحقق إلا من خلال الإيمان بالله تعالى.
وقد أثبت الواقع عبر العديد من الدراسات والأبحاث أن المال لا يجلب بمفرده السعادة للإنسان؛ فكثير من الدول المتقدمة التي يرتفع فيها دخل الفرد، ويتمكن فيها من القدرة الشرائية العالية: لم يُلْحظ فيها زيادة حجم الشعور بالسعادة؛ إذ سرعان ما يتعود الإنسان على درجات الإشباع المادي العالية، فيقابلها بعدم المبالاة، فلا يشعر معها بالسعادة، وكذلك الحال حين يحرز قدراً من التعليم، ويحصل على مكانة اجتماعية مرموقة، كل ذلك لا يحقق له درجة كافية من الشعور بالرضا والاطمئنان؛ ولهذا يُلحظ بوضوح كثرة حالات الانتحار في الدول الاسكندنافية على الرغم من سعة الرزق التي يتنعَّمون فيها، مقابل قلَّة حالات الانتحار في البلاد الإسلامية على الرغم من شدة العيش التي يحياها غالبية شعوبها وقد أثبت الواقع أن هناك علاقة بين ارتفاع التديُّن وانخفاض حدَّة أعراض الاكتئاب النفسي عند الناس وصدق الله العظيم إذ يقول: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28].