7ـ ضرورة إتقان الأعمال الصالحة

يُقصد بإحسان العمل: إتقان ظاهره على وفق مراد الشارع الحكيم، وإخلاص باطنه لله تعالى وحده، فمن أصلح العمل كان شوقه للدار الآخرة أكبر، ومن أساء: رغب في الإمهال، وتأخير الأجل، ومن هنا كان تحسين العمل وإتقانه وسيلة لتنمية الإيمان باليوم الآخر، وإحياء أخباره وأحداثه في نفس الإنسان.

وقد بيَّن I هذه الحقيقة، ففرَّق بين المحسن والمسيء في الحياة الدنيا وفي الآخرة فقال U : {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية:21]، وقال أيضاً: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص:28] فلا يمكن بحال أن تكون عيشة الصالح في الدنيا، ولقاؤه لربه في الآخرة كحال الفاسق؛ إذ لا بد من أن يقوم التفريق بينهما في الدنيا والآخرة، فينال كلٌ نصيبه وما سعى.

وبشأن مصير الصالحين من الذكور والإناث إذا أحسنوا في أعمالهم، يقول I: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء:124]، وأما فساد المقاصد فقد حذَّر منه U فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ …} [البقرة:264]، ويقول الرسول r مبيِّناً حال المرائين من فاسدي المقاصد يوم القيامة: "يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طًبَقاً واحداً".

إن هذه النصوص -وغيرها كثير- تدل على ضرورة إحسان العمل، وإتقانه، وطلب وجه الله تعالى في أدائه؛ ليكون ذلك حافزاً نحو طلب الآخرة، والتعلق بها، والتخفف من أغراض الدنيا وعلائقها، فإن من أصلح آخرته رغب فيها، واشتاق إليها، ومن أفسدها كرهها، وزهد فيها.