الإيمان بالله تعالى هو الركيزة الأولى في البناء الإيماني للإنسان المسلم، وهو الأصل الذي به ينتقل الإنسان من الكفر إلى الإيمان، قال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا} [الفتح:13]، كما أنه الأساس في علاقة المكلف بالكون، وبالناس، والكائنات من حوله، وهو مدار الصراع البشري -في مختلف صوره- بين الحق والباطل، يضاف إلى ذلك أنه أعظم قوة وجدانية في الكيان الإنساني، تؤثر في كل جوانب نشاطه الظاهر والباطن، وهو ركن الإيمان الأول، وهو في الحقيقة أعظم وظيفة يقوم بها المكلَّف في حياته.
ولمَّا كان الإيمان بالله تعالى بهذه الأهمية: جعله سبحانه أمراً فطرياً، في الطبيعة البشرية، لا يحتاج إلى عظيم تدبر وتفكير، "فالعقلاء من أهل الحق وغيرهم من أصناف الخلق: اتفقوا كافة وأطبقوا قاطبة على إثبات الصّانع"، وقد استقر في النفس أن المصنوع لا بد له من صانع؛ فالإيمان بوجود الله تعالى شعور فطري قوي في النفس الإنسانية يصعب تجاهله، أو إنكاره، وقد اعتبر علماء الاجتماع الإنسان غير المتدين شخصاً شاذاً عن الطبع السوي كما أن العلم الحديث في هذا القرن يتجه بوضوح ضد الإلحاد؛ لكون "الدلائل التي تدل على إثبات الله U غير مُحصاة ولا متناهية؛ لأنها بعدد أجزاء أعيان الموجودات من الحيوان والنبات وغير ذلك مما خفي عن الأبصار، فما من شيء -وإن صغر جسمُه ولطُف شخصه- إلا وفيه عدة دلائل تُعبر عن ربوبيته"؛ ولهذا يجمع العقلاء معترفين بوجود قوة خفية عاقلة خلف هذا العالم، واصفين الملحد بالضلال وهو I واجب الوجود لذاته، وكل موجود غيره فهو ممكن الوجود، مفتقر إلى واجب الوجود إذ إن وجود غيره -سبحانه وتعالى- ليس ضرورياً.