3ـ تطلع الفتاة إلى تقدير المجتمع واحترام شخصيتها

"إن احترام النفس هو حجر الزاوية في التربية الصحيحة"، فإذا انضم إليه شيء من تقدير الشخصية كانا معاً من أفضل وسائل التربية، وفي الجانب الآخر: فإن الإهانة والتحقير والإذلال من أهم أسباب تمرد الجيل الجديد، وبعث روح القسوة والانتقام في نفوسهم، والإسلام في نظامه الأخلاقي يحترم الفرد حتى وإن كان جنيناً في بطن أمه، ويمنع كل ما من شأنه الحطُّ من شخصية المسلم، أو إهانتها، إلا أن طبيعة الحياة الاجتماعية المعاصرة بمتغيراتها الكثيرة، وتطورها: جرَّدت الإنسان من كرامته، وسلبت مبادرته الشخصية وفعاليَّاته الخاصة، حتى بات الإنسان عاجزاً عن إبراز ذاته، وتأكيد وجوده، وغدت فئات من الشباب عاجزة عن مسايرة الحياة المعاصرة مسلوبة الذات والإرادة، مما ساق بعضهم نحو الخروج عن أعراف المجتمع ونظمه في سلوك عنيف، أو تميُّزٍ شاذ، يبرزون من خلاله ذواتهم المحترقة، ونفوسهم المحطَّمة، في وقت ضعفت فيه علاقة الفرد بالجماعة، وقلَّ فيه تأثير الأسرة والقرابة، وزاد التميُّز بين الأفراد في التخصص والاهتمامات، فلم تعد الجماعة قادرة على تحقيق حاجات الأفراد بصورة مشبعة، ومن المعلوم، أن "الإشباع النفسي للفرد: نقطة البداية في التماسك الاجتماعي".

والفتاة باعتبارها عضواً في المجتمع تحتاج لمكانة اجتماعية مرموقة، تعامل فيها معاملة الكبار، كما أنها في حاجة نفسية إلى الاستقلال الشخصي والاقتصادي، والتخلص من عالم الطفولة بتكوين الأسرة، والبيت السعيد، في ظل نظام الزوجية، فهي تنظر بنظر الشباب المتطلع إلى حاجاته المقبلة، لا ذكرى الكبار لحاجاتهم الماضية؛ لهذا تسعى لتأكيد شخصيتها واستقلالها، وللتجديد في حياتها، ولا يسلم للمجتمع سلوك الفتيات إلا بالاعتدال في التعامل معهن: للسلامة من انحرافاتهن، وما يمكن أن يصدر عنهن من سوء الخلق، فيُمزج أسلوب التعامل معهن بلطف وسياسة، مع إتاحة الفرص الاجتماعية الكافية والمشبعة: لتنمية الطاقات، وبروز القدرات ضمن مفهوم الحرية المشروعة في التصور الإسلامي.