2ـ حاجة الفتاة النفسية للوسط الاجتماعي

رغم عمق الفردية في كيان الإنسان، وحبِّ الذات، إلا أنه - مع ذلك - في حاجة ملحَّة إلى الجماعة، فمع كونه يحمل النزعة الفردية للحفاظ على شخصيته، فكذلك وبنفس العمق يحمل الحاجة للجماعة وتفاعلاتها، فهو "مطبوع على الافتقار إلى جنسه، واستعانته صفة لازمة لطبعه، وخلْقةٌ قائمة في جوهره"، فلا يُتصور قيام الإنسان بذاته دون الآخرين، فإن الاعتزال في غاية المشقة، وأقل ما يحققه الاجتماع: شعور الفرد بالانتماء الذي يزيد من تأكيده لذاته، واستقرار نفسه.

وهذا الإحساس لا يتحقق للفتاة بالقدر الكافي في الوسط الأسري وحده، إلا أن يكْمُل من خلال الوسط الاجتماعي وجماعة الصديقات؛ فالفتاة لا تعتمد على الأسرة وحدها لإشباع حاجتها النفسية للتقبل الاجتماعي، بل تحتاج إلى القرينات في الوسط الاجتماعي العام لإشباع هذه الناحية عندها، فحاجتها إلى الوسط الاجتماعي للراحة النفسية قد تفوق حاجة الذكور، ففي الوقت الذي يتأكد الدافع الشخصي عند الذكور، يتأكد مقابل ذلك الدافع الاجتماعي عند الإناث؛ فقد كشفت إحدى الدراسات العربية عن فروق جوهرية في السلوك الاستهلاكي بين الجنسين في هذين الدافعين: الشخصي والاجتماعي، ففي الوقت الذي يهتم فيه الذكور بالدوافع الشخصية للاستهلاك، يهتم الإناث، ويراعين الدوافع الاجتماعية بالدرجة الأولى، وما هذا السلوك إلا تأكيد لحاجتهن الملحة للوسط الاجتماعي، ومن هنا فإن الجماعة تحقق للفتاة من خلال التفاعل مع الأفراد: إشباع حاجتها النفسية للحياة الجماعية.