17ـ موقف التربية الإسلامية من تعاطي المخدرات

المخدرات أصناف وأنواع كثيرة ومتنوعة، وبعضها أشد ضرراً من بعض، وأخطرها الهرويين الذي يعطى عن طريق الحقن المباشر في الوريد، أو عن طريق الشم، وجرعة واحدة منه يمكن أن تسبب الإدمان.

ومن المواد التي يمكن أن تقوم مقام المخدر: مذيب البوية، والبنزين، والصمغ، فإن هذه المواد يمكن أن تستعمل كمخدر لمن لا يتمكن من التزود بالمواد المخدرة الطبيعية أو المصنعة لهذا الخصوص.

أما حكم الإسلام في هذه السموم، فقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90]، والنص واضح في تحريم الخمر، ولم يذكر فيه المخدر، إلا أن السنة المطهرة جاءت بتفسير الخمر، إذ يقول الرسول r : ( كل مسكر حرام وكل مسكر خمر), فالحكم مرتبط بالعلة يدور حيث دارت، وعلة تحريم الخمر الإسكار، ففي أي شيء وجد الإسكار ومخامرة العقل وجد التحريم، لهذا فإن المخدرات التي تقوم مقام الخمر في إذهاب عقل متعاطيها تعد محرمة في الإسلام، وقد أجمع الفقهاء الذين ظهرت في عصورهم هذه الآفة على تحريمها، يقول شيخ الإسلام - رحمه الله-: "وأما الحشيشة الملعونة المسكرة: فهي بمنزلة غيرها من المسكرات والمسكر منها حرام باتفاق العلماء؛ بل كل ما يزيل العقل فإنه يحرم أكله ولو لم يكن مسكراً".

والعلة في تحريمها أنها كالخمر تسكر إلا أنها - بالإضافة إلى ذلك- تورث التخنث والدياثة، إلى جانب إفسادها لمزاج متعاطيها، وربما سببت له الجنون.

ومما تقدم تتبين أهمية وظيفة الأب المسلم في حماية أولاده من خطر هذه الآفة المدمرة التى تذهب بالعقل والأخلاق، وتسلب الرجل رجولته فتورثه الميوعة والدعة. لهذا يحرص الأب على قفل كل باب يمكن أن يؤدي إلى تعاطي المخدر وأهمها: رفقاء السوء، والأفلام التي تمجد وتعظم متعاطي المخدرات، وتطلع الولد على طريقة التخدر عن طريق شم البنزين، أو الصمغ، أو غيرها من المواد المتوافرة في البيوت، والتي لا ريبة في وجودها واستخدامها، فإن إعلام الولد الصغير الجاهل بذلك عن طريق هذه الأفلام ربما ساقه إلى التجريب والاستطلاع فيقع في هذه المهلكة. أما الولد الكبير الواعي الذي بدأت تتكون شخصيته وتوجهه الإسلامي، فلا بأس باطلاعه على مثل هذا الخطر، وتعريفه بأبعاده الخطيرة؛ ليحذر منه.

 وعلى الأب أن يمنع من البيت كل ما له علاقة بالمخدرات والمسكرات كالبيرة؛ إذ أشار بعض المهتمين في هذا المجال أنه لا توجد بيرة بدون كحول، لهذا يمنعها الأب من البيت على الأقل من باب الاحتياط والحرص.

ولتنفير الأولاد من المخدرات يزودهم الأب بالقصص والروايات والإحصاءات المروعة التي تبين تعاسة ما وصل إليه متعاطي المخدرات، خاصة من الأطفال الصغار؛ ليكون ذلك أوقع في نفوسهم، وأبلغ في تنفيرهم من هذه السموم القاتلة.