25ـ مضار التدخين وحكمه وطرق التخلص منه

25 - مضار التدخين وحكمه وطرق التخلص منه

يعد التدخين من أكثر الظواهر السيئة انتشاراً في العالم، فلا توجد فئة، أو طبقة من الناس، أيا كانت، إلا ويوجد بينها من يتعاطى الدخان. ونظراً لهذا الانتشار الواسع أصبح وجود السجائر في البيوت،   وتهيئتها للمدخنين،   وعدم منعهم من التدخين في الأماكن العامة أمراً مسلماً به من قبل غير المدخنين، ولهذا لا يوجد من بين المدخنين ـ إلا ما ندر ـ من يكترث بشعور غير المدخنين عند تعاطي الدخان في الأماكن العامة وتجمعات الناس.

والعالم الإسلامي مستهدف من قبل شركات التبغ خاصة بعد انحسار مبيعاتهم بعض الشيء في الدول الغربية، فالكميات الهائلة من التبغ يتم توريدها من هذه الدول الغربية لتستهلك في الدول الإسلامية، فقد بلغت واردات المملكة العربية السعودية عام 1972م (000ر75ر4) كليو جراماً من التبغ، وفي عام 1981م تضاعفت الكمية تسع مرات تقربياً لتصل إلى (500ر732ر36) كيلو جراماً، وذلك خلال تسع سنوات فقط، وهذا يدل دلالة واضحة على خطورة الوضع خاصة في بلاد يعلن أكثر علمائها حرمة شرب الدخان وتعاطيه، وهذه الكميات تعد صغيرة بالنسبة لما تنتجه هذه الشركات العالمية من كميات ضخمة من السجائر؛ إذ يقدر معدل انتاجها بسيجارتين يومياً لكل فرد في العالم.

وقد ثبت بما لا يدعو إلى الشك أن تعاطي الدخان إما بطريق السجائر،أو الشيشة أو الأرجيلة، أو غيرها من الوسائل مضرة تفتك بالبدن، وتعد سبباً هاماً ورئيسياً للإصابة بالسرطان، فقد ((أعلنت هيئة الصحة العالمية عام 1975م أن التدخين أشد خطراً على صحة الإنسان من أمراض السل والجذام والطاعون والجدري مجتمعة)). وفي كل عام يُقتل في العالم بسبب هذه الآفة أكثرمن مليون شخص، وذلك حسب إفادة منظمة الصحة العالمية.

وبناء على المفاهيم العامة للإسلام التي تُحرم المضرات، وتبيح الطيبات، ولمَا ثبت عن رسول الله r أنه نهى ((عن كل مسكر ومفتر)). والمفتر: ((الذي إذا شُرب أحمى الجسد وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار))، فقد صدرت فتاوى العلماء بحرمة تعاطيه.

وبناء على هذا لا يليق بالأب المسلم أن يدخن ويتعاطى هذا السم المحرم، وذلك لحرمته أولاً، ثم خوفاً على اقتداء الأولاد به، فإن الطفل مقلد ماهر فلا يستبعد الأب المدخن أن يرى ولده الصغير جالساً في موضع جلوس الأب وماسكاً سيجارة مشتعلة، فهو لا يدرك مضار التدخين، كما أنه يسعى جاداً ليبلغ مبلغ الكبار، فيقلدهم في معظم أعمالهم، ويمكن أن تكون هذه الخطوة بداية إدمان الولد على التدخين، فقد يبدأ الطفل التدخين بجدية منذ الخامسة، وربما تطور الموضوع ليصل إلى المخدرات فإن هناك ارتباطاً بين التدخين والخمور والمخدرات.

فلا بد للأب أن يلتزم منهج الإسلام في موضوع التدخين، فإن لم يكن من المدخنين سهل عليه إقناع الولد ببيان مضاره له، وإظهار كراهيته ومقته، فيقع في نفس الولد بغضه وعدم الرغبة فيه. أما إن كان الأب من المدخنين فإن إيقاع كراهية الدخان في نفس الولد أمر صعب، وإخفاء الأب عن أولاده حقيقة أمره، وأنه من المدخنين أمر صعب أيضاً.

ولعل أمثل الحلول بالنسبة للأب الذي لا يكثر من تعاطي السجائر أن يخفي على أولاده أنه يدخن فلا يتعاطى ذلك إلا في النادر بعيداً عن الأولاد على أن تكون هذه الخطوة منه بداية جادة لترك الدخان بالكلية.

أما إن كان الأب ممن ابتلي بكثرة الدخان، فلا يستطيع إخفاءه عن الأولاد، فإن مسارعته بتركه فوراً قبل أن يعقل أولاده فعلته القبيحة يعد واجباً عليه وحقاً من حقوق الأولاد إذ لا يجوز له أن يدلهم بقوله أو بفعله على أي أمر قبيح. وإن حدث أن علم الأولاد بأن أباهم يدخن، فعليه أن يسارع ببيان خطئه وتقصيره، وأنه اعتاده قبل أن يتيقن بضرره وخطورته، مع إفهامهم أنه جاد في تعاطي الأسباب لتركه، ولا ينبغي له بحال أن يقول لهم: ((هذا للكبار دون الصغار))، أو أن يقول: ((هذا لا ينفع لكم ولكنه ينفع لي))؛ بل لا بد من أن يظهر تأسفه وندمه وخطأه على تعاطيه؛ ليعلم الأولاد أن هذا الفعل من أنواع الخطأ، فلا يقتدون بأبيهم في هذه المسألة. وفي هذا الأسلوب شيء من التناقض، إلا أنه لا بد من المصارحة وبيان الخطأ والاعتذار، وليس ثمة حل أنسب من هذا في مثل هذه المواقف المحرجة مع الأولاد خاصة الكبار منهم.

ويُنصح الأب المدخن إذا كان جاداً في ترك الدخان أن يتعرف أولاًً على أضرار تعاطي الدخان، وأن يبتعد عن الأجواء التي يُتعاطى فيها الدخان، وكل ما يُذكِّره به، وعند الرغبة في التدخين يستعمل العلكة أو السواك، أو غيرهما ليلتهي به عن السجائر، وعليه أن يقلل من تعاطي القهوة و الشاي، ويكثر من الفاكهة، والغذاء الجيد الخالي من التوابل، ويتناول دائماً عصير العنب والليمون والبرتقال كل صباح، وأن يستعين بالله على تركه قبل كل شيء آخذاً بهذه الأسباب فإنها نافعة وجيدة لترك الدخان بالكلية.