16ـ الزينة ومحظورتها للولد المسلم

16 - الزينة ومحظوراتها للولد المسلم

للزينة محظوراتها وممنوعاتها، كما أن للباس ممنوعاته، ومن أهم هذه الممنوعات: التحلي بالذهب، لقوله عليه الصلاة والسلام: ((حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم)). وقد أجمع العلماء على حرمة تحلي الرجال بالذهب، أما الفضة فقد أجمعوا على إباحة التختم بها للرجال. وليس التحريم يخص الرجال دون الصبيان، وهذا كما في مسألة لبس الحرير أنه: ما حرم على الرجل لا يجوز تمكين الصغير منه. قال الإمام مالك رحمه الله في الذهب للغلمان: ((وأنا أكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب، لأنه بلغني أن الرسول r نهى عن تختم الذهب فأنا أكرهه للرجال: الكبير منهم والصغير)) فلا ينبغي التهاون في ذلك، ولا وضع صفائح الذهب المنقوش عليها آيات من القرآن الكريم على صدر الولد، أو تختيمه بالذهب، حتى وإن كان رضيعاً، فالأولى ترك هذا كله، لما تقدم.

وينصح ويحذر الإمام الغزالي رحمه الله: الأب من ذلك ويأمره بتزهيد ولده في الحلي فيقول: ((يقبح إلى الصبيان حب الذهب والفضة والطمع فيهما، ويحذر منهما أكثر مما يحذر من الحيات والعقارب، فإن آفة حب الذهب والفضة والطمع فيهما أضر من آفة السموم على الصبيان)). ولعل الآفة التي أشار إليها الغزالي هي: ما يحدثه الميل إلى التحلي بالذهب من مشابهة النساء، في تكسرهن، وميوعتهن. والصبي لايصلح له شيء من طباع النساء وعاداتهن. والواجب منعه من كل هذا بتمييز الذكور عن الإناث في الملبس، والزينة، والألعاب، ومكان النوم، والاختلاط - إن أمكن - إلا أن يكونوا إخوة أو أخوات فلا بأس باختلاطهم جميعاً في اللعب، ومكان الجلوس، لتحصل بينهم المودة والألفة، أما اللباس وأنواع الألعاب والزينة، وغير ذلك مما يخص البنات، فلا ينبغي تشابههم فيه أبداً. وبذلك يحصل للولد قدرة على التمييز بين ما يخص الذكر وما يخص الأنثى، فإذا علم أن شيئاً ما لا يصلح للأولاد: نبذه وزهد فيه، وأنف أن يعمله، أو يستعمله. وربما تكون هذه أفضل الطرق لتنفير الولد من عادات النساء، وما يتعلق بحليهن، وزينتهن.

ويدخل في باب الزينة المكروهة بالنسبة للصغار: كراهية تعليق الأجراس أو الجلاجل على الولد للزينة، وروي أنها تنفر الملائكة، ونقل عن بعض السلف نزعها من فوق الصبيان. أما جعلها في يد الولد يلهو بها ساعة ثم يضعها ويتركها، فلا بأس به إن شاء الله، إذ إن ما ورد في الباب من الكرهية ظاهره المنع من التعليق، لا المنع من اللهو واللعب بها، فإن هذه الألعاب ذات الأصوات تسلي الولد وتجذب انتباهه وتلهيه عن البكاء.

وقضية أخيرة ينبغي للأب أن يراعيها ويتبع فيها السنة وهي: النهي عن العبث برأس الصبي فيحلق بعضه ويترك بعضه، والسنة في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((احلقوه كله أو اتركوه كله)). وحلق بعض الرأس وترك بعضه يُسمى القزع، والسنة بالنسبة لحلق رأس الولد أن يكون كاملا بعد ولادته، ويكون أيضا إذا حج الولد أو اعتمر مع والده، أما غير ذلك من التحليق فلا سنة تتبع فيه، وقد روي كراهية التحليق عن الإمام أحمد بن حنبل، كما روى عنه أيضا عدم كراهية ذلك، ونقل ابن عبدالبر الإجماع على إباحته والذي نقل في وصف الرسول r أنه كان ذا شعر يضرب منكبيه، أو أنصاف أذنيه وهذا يدل على أن التحليق ليس من عاداته عليه الصلاة والسلام، والأولى في حق الولد أن يكون له شعر، حسب عرف أهل البلد وبما يوافق مفاهيم الإسلام العامة من ترك التشبه بالنساء، والأمر بمخالفة أهل الكتاب وعموم الكفار، إلا أن يضطر الأب إلى الحلق، أو القزع اضطراراً لا اختيار فيه لسبب من الأسباب كعلاج أو نحوه.