13ـ أهمية تعويد الطفل على ستر العورة

13 - أهمية تعويد الطفل على ستر العورة

ومن تمام التنعم بزينة الله U التي وهبها لعباده: التحلي باللباس، وستر السوءة عن أعين الناس، وفي هذا يقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ* يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا …} [الأعراف:26-27]. الآيتان فيهما تذكير بنعمة الله على خلقه بإنزال اللباس ساتراً وحافظاً لهم من انكشاف عوراتهم وظهور سوآتهم، وفيهما تحذير من اتباع الشيطان، والإصغاء إلى وساوسه، التي أودت بأبي البشر آدم عليه السلام وزوجه إلى الشقاء، والعنت بخروجهما من دار النعيم إلى دار التكليف، والاختبار.

وليس التعري ونبذ الستر من الفطرة البشرية في شيء، بل " إن العُريَ فطرة حيوانية. ولا يميل الإنسان إليه إلا وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان … والفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوأتها الجسدية … وتحرص على سترها ومواراتها "؛ بل إن اللباس وستر العورة: يعد من أعظم خصائص الإنسان الظاهرة التي يتميز بها عن الحيوان؛ وقد جاءت أوامر الرسول r موافقة للكتاب في الأمر بستر العورة وتغطيتها؛ إذ يقول لمن سقط عنه ثوبه: ((خذ عليك ثوبك ولا تمشوا عراة)). ويقول في الأمر بستر الفخذ: ((لا تبرز فخذيك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت )) .

بناء على ما تقدم من فضل الستر وأهميته، فإن مسؤولية الأب في بث حب التستر، وعدم إبراز العورة، في روع الولد منذ حداثة سنه، وقبل أن يكون مكلفاً بذلك: يعد من أهم الأسباب التي تركز وتقوي حب التستر في نفس الولد. إذ يُكرَّه إليه التعري، وإظهار قبله أو دبره أمام الناس، أو أمام أقاربه وإخوته. أما عدم المبالاة بإظهار عورته أمام الناس، وسرور الأب والأهل بخروج الولد عارياً أمام إخوته في البيت وأقاربه، وإظهار الرضا عن ذلك، فإن هذا السلوك من الأب والأهل: يعد بذرة سيئة في قلب الولد، تنمو وتتغذى بدوام تكرر مثل هذه المواقف الخاطئة، فتميل نفسه بعد ذلك إلى نبذ الحياء ظاهراً وباطناً، فلا يعود يستحي إذا كبر من انكشاف عورته.

ولا يعني هذا أن انكشاف عورة الولد قبل العاشرة حرام، فإن مذهب الأحناف في عورة الطفل إذا بلغ عشر سنوات كعورة الكبير، أما قبل العاشرة فلا عورة له عندهم. وعند الحنابلة لا عورة له قبل التاسعة. وليست المسألة هنا مسألة التزام بقول فقهي معين يوافق هوى في نفس الأب وأهله، فلو كان الأمر كذلك فإن مذهب الشافعي رحمه الله بالنسبة لعورة الصغير غير المميز كعورة الكبيرمن السرة إلى الركبة. ولكن المسألة هنا مسألة تربية، وتعليم، وتعويد على الفضائل. فالولد الذي عُوِّد على ستر العورة في صغره قبل العاشرة: سهل عليه بعد العاشرة سترها والالتزام بتغطيتها دون تكلف. ولا شك أن الذي لم يُعوَّد على ذلك في صغره: يصعب عليه التزام الستر دفعة واحدة.

والذي يعمله الأب ويُنصح به هو: حفظ عورة الولد عن الأعين في جميع فترات عمره، لا يظهر منها شيء لغير حاجة أو سبب، مع عدم تركه عارياً ولو كان خالياً وحيداً. وكذلك يوجه الأب أهله عند الحاجة إلى تنظيف الولد الصغير، أو تغيير ملابسه أن يكون ذلك في خلوة عن أعين إخوته، وباقي أفراد الأسرة، فليس ثمة حاجة في النظر إلى عورات الصغار.