6 - حق الطفل في الرضاعة الطبيعية
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، فهذا حثُّ من الله للوالدات بأن يغذين الأولاد الصغار مما وهبهن الله من اللبن في أثدائهن، وخصص ذلك بعامين، ويجوز الفطام قبل انقضاء العامين، وإن كان الأفضل أن تتمها، لثبوت أن الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الصناعية أكثر تعرضاً للأمراض من الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، وقد أشار جالينوس إلى هذا وفضل لبن الأم إلا أن تكون مريضة، وذلك لأن الأم - بالإضافة إلى جودة لبنها - يرتوي الطفل منها عطفاً وحناناً وحباً، وغذاءً نفسياً لا يقل أهمية عن الغذاء البدني، بل هو في الحقيقة أهم غذاء، فإن حدث وأن نضب لبنها أو جف وجب على الأب أن يجلب له من الحليب المصنوع المعلب، أو مرضعة على حسابه، فهو المكلف بذلك شرعاً، وعليه أن يراعي في اختياره للمرضع - إن فضل الرضاعة الطبيعية - أن تكون تقية ورعة، فقد نصح بذلك أمير المؤمنين علي رضي الله عنه حيث قال: ((توقَّـوا على أولادكم من لبن البغي من النساء، والمجنونة، فإن اللبن يعدي))، وقد أكد الكلام الإمام الغزالي في إحيائه معلِّلا سبب اختيار المرضعة الصالحة فيقول: ((إن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه، فإذا وقع عليه نشوء الصبي انعجنت طينته من الخبيث. فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث)).
ويستحسن للزوج أن يترك جماع زوجته أثناء فترة الرضاعة، وذلك لأن هذا يضر بالولد خاصة إذا حملت أمه، فإن لبنها يضعف، وقد ورد نهي الرسول r عن ((الغيلة))، وهي جماع الزوجة المرضع، ثم عاد عليه السلام فأباح ذلك، فكان نهيه نهي إرشاد وتوجيه إلى الأفضل والأحسن.
فإن قرب فطام المولود، أخذ بالتدرج دون العجلة فإن العجلة تضره، ويكون ذلك عند اعتدال الجو بين البرد والحر، ولا يهتم بكثرة بكائه وطلبه للرضاعة إذا رأى الوالد فطامه؛ لأن البكاء فيه منفعة له، فيقوي الأعصاب، ويوسع مجاري النفس، وينفع الدماغ، إلى جوانب أخرى ذكرها الأطباء، فيستمر بالتدرج مراعياً نفسيته، ومحبباً إليه أنواع الأطعمة الأخرى.