13 - سبل استغلال وقت فراغ الطفل
ينظم الأب في أسرته الوقت محاولاً استغلال كل لحظة بما يفيد ويعود على الأولاد بالخير، ويحذر كل الحذر من الثغرات التي يمكن أن ينطلق منها الأولاد إلى تعود الملل، ومعرفة الفراغ، وتذوق مرارة السآمة، فالإسلام حريص على شغل الإنسان شغلاً كاملاً منذ يقظته إلى منامه بحيث لا يجد الفراغ الذي يشكو منه، ويحتاج في مثله إلى تبديد الطاقة أو الانحراف بها عن منهجها الأصيل.
فالولد الصغير يشغل وقته باللعب الهادف المتنوع، وبشيء من مبادئ القراءة والتعلم. فعلى الأب أن يتخذ الوسائل المناسبة في هذا المجال.
أما الولد المميز والكبير فبالإضافة إلى اللعب الهادف وشيء من التعلم، يركز الأب على جانب الرياضة البدنية المنظمة، وألعابها المتنوعة المباحة، حيث يخصص شيئاً من الوقت يومياً لممارسة الرياضة المفضلة ويهتم بمعرفة هوايات الأولاد المفضلة، كالنجارة، أو الحدادة، أو الميكانيكا، أو الرسم، أو الزخرفة، أو غير ذلك، ويحاول أن ينميها فيهم، ويؤمن لهم موادها وخاماتها اللازمة لها، ويخصص لهذه الهوايات وقتاً من ساعات اليوم.
ولا بأس بتسجيل الولد في نشاطات المدرسة اللاصفية كجمعية التوعية الإسلامية، أو الكشافة، أو غيرها من الجمعيات والنشاطات الهادفة، على أن يتأكد من نوع البرامج، وطبيعة المشرفين عليها، ومدى الفائدة التي يمكن أن يحصلها الولد.
وفي الإجازات التي يكون وقت الفراغ فيها أطول، وحدوث الملل والسآمة آكد، لابد من مضاعفة الجهد والعمل على استغلال الوقت بصورة أكبر، ولعل أفضل نشاط يمكن أن يستفاد منه في هذه الإجازات الطويلة: هو اشتراك الولد في أحد المراكز الصيفية التربوية الهادفة، بعد الاطلاع على برامجها، ومعرفة المشرفين عليها، حيث يشغل وقت الولد بالنشاطات الثقافية والرياضية المتنوعة صباحاً ومساء.
ويفضل إشتراك الولد في جمعيات تحفيظ القرآن طول أيام السنة وفي الإجازات الصيفية بالإضافة إلى نشاطات المراكز إذا أمكن ذلك، وكان لدى الولد شيء من الوقت على أن تراعى طاقة الولد فلا ينهك بالدروس والنشاطات فيملها بعد ذلك، ويزهد فيها.
أما إجازات الأسبوع فلا بد أن يفرغ الأب نفسه للأولاد، فيملؤها من الصباح حتى المساء بالنشاطات المحببة المفيدة، ويبدأ من الفجر بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وشيء من التنزه بالسيارة حتى طلوع الشمس، ثم الرياضة البدنية الخفيفة، ثم الإفطار.
ومن الممتع أن يتبع ذلك بالخروج إلى البحر لقضاء يوم كامل على شاطئه في رحلة بريئة ممتعة. وإن قرر الأب البقاء في البيت، أمر الأولاد بأخذ شيء من الراحة والنوم لمدة ساعتين أو نحو ذلك، ثم يتركهم بعد الاستيقاظ في لعبهم معاً، ثم يشغلهم بالاستماع إليه وهو يروي قصة من القصص التاريخية المشوقة، أو سيرة من سير الصالحين أو نحو ذلك، ولا بأس أن يعطيهم بعد ذلك الفرصة للقراءة الحرة في الروايات والقصص المخصصة للأطفال، فإذا حانت صلاة الظهر صلوا جميعاً في المسجد، ثم تناولوا طعام الغداء، ولا بأس بشيء من الحديث والمداعبة على الطعام وبعده حتى يحين موعد القيلولة إلى العصر، وبعدها يقرأ شيئاً من القرآن ثم يتولى كل ولد مراجعة دروسه وحل واجباته المدرسية تحت إشراف الأب حتى المغرب. ولا بأس إن توفر الوقت قبل المغرب خصصه الأب للعب والرياضة، ويستغل الفترة بين المغرب والعشاء في الجلوس مع الأولاد وأبناء الجيران في مكتبة المسجد للاطلاع الحر في المجلات الإسلامية وكتب الأطفال وتنفيذ نشاطات المسجد، وبعد صلاة العشاء يتناول الجميع طعام العشاء، ثم يجلسون لقراءة شيء من الأحاديث وسير الصالحين، ثم يأمرهم الأب بالتجهيز للنوم.
وبهذا الأسلوب أو نحوه يكون الأب قد شغل جل وقت الولد في الإجازات الأسبوعية بما يعود عليه بالفائدة، ويحميه ويحفظه من تذوق آلام الفراغ والملل، والفترة الصباحية في أيام الأسبوع في غير الإجازات تتكفل المدرسة بشغْلها، أما باقي اليوم فإن الأب يملؤه بالنشاطات التي تقدم ذكرها فيما يخص الفترة المسائية. فيكون الأب بهذه الإجراءات قد قام بشيء من واجباته تجاه استغلال وقت الفراغ وحماية الأولاد من الانحرافات التي تسببها وفرة الوقت.