27ـ موقف التربية الإسلامية من الغناء الفاحش والموسيقى

27 - موقف التربية الإسلامية من الغناء الفاحش والموسيقى

حكم الغناء الفاحش والموسيقى في الإسلام التحريم للمضار الكثيرة التي تحدثها في النفوس؛ فقد جاء في القرآن الكريم تحريمها في قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [لقمان6]، وقد جاء في تفسير هذه الآية عن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وعكرمة وميمون بن مهران ومكحول والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة y: أنه الغناء: ونقل ابن الصلاح وابن رجب رحمهما الله إجماع أهل الحل والعقد من علماء المسلمين على تحريمه وقيل في أسباب نزول هذه الآية إنها نزلت في النضر بن الحارث الذي اشترى مغنية يبعث بها لكل من يريد أن يسلم فتغنيه لتصده عن الإسلام.

أما السنة فقد ورد فيها ما يعضد هذا الحكم ويصرح بحرمة المعازف، قال عليه الصلاة والسلام: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون: ارجع إلينا غداً، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة))، ويستحلون الحر: يعني استحلال الزنا واستباحته، أما المعازف: فهي جمع معزفة وهي آلات الملاهي، والعلم: هو الجبل المرتفع، إذ يهلكهم الله بإيقاع هذا الجبل عليهم، ويعاقب آخرين منهم بالمسخ كالذي وقع للأمم السابقة.

وفي هذا الحديث دلالة واضحة على تحريم آلات العزف المشتملة على الأوتار، وبيان عقاب بعضهم بالهلاك، وآخرين بالمسخ، وذلك لاستباحتهم هذا اللهو الباطل.

وقد نقل مجموعة من العلماء في القديم والحديث إجماع المذاهب الأربعة على تحريم المعازف، وما يصاحبها من الغناء الفاحش، وقد أضاف بعض العلماء إلى المعازف المحرمة "الكوبة" وهي الطبل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((إن الله حرم علي، أو حرم الخمر، والميسر، والكوبة، قال: وكل مسكر حرام))، قال سفيان: "فسالت علي بن بذيمة عن الكوبة قال: الطبل"، كما أن مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تحريم "الشبابة" وهي القصبة التي يُنفخ فيها، وتحريم الدفوف المصلصلة، التي توضع في أطرافها قطع من الحديد تحدث أصواتاً جذابة عند تحريكها. ولا يعرف عن السلف رضوان الله عليهم الرخصة في شيء من هذه الملاهي، إنما ينقل إباحة ذلك عن متأخري الظاهرية وبعض الصوفية ممن لا يعتد بأقوالهم.

والمقصود من تحريم هذه الملاهي والمنع من الأضرار الخطيرة التي تحدثها هذه الأدوات في النفوس، خاصة إذا صاحبها شيء من أشعار الغزل والتشبيب بالنساء ومدح الخمر، وغير ذلك من الفجور، فإن وقع ذلك على النفس أشد وأعظم كما تقدم.

وبناء على هذا الإجماع من علماء الأمة، فإنه لا يسع الأب المسلم سوى الإذعان والانصياع لحكم الله ورسوله في هذه الملاهي، وأخذ نفسه وولده بالعزم على تجنب هذا اللهو الباطل، واستبداله بما أباحه الله من السماع المشروع المباح، ولن يعجز من يريد أن يأتي بما يخالف هذا الإجماع من أقوال المتقدمين أو المعاصرين إلا أن الحق يبقى للدليل من الكتاب والسنة، فإن الله أمرنا حين التنازع أن نرد الأمر له سبحانه ولرسوله r.