8 - أهمية العدل في تربية الأطفال
جاءت الشريعة الإسلامية المباركة بالأمر بالعدل بين الأولاد، والتسوية بينهم، وذلك "تفادياً من التحاسد والتحاقد بينهم… فقد يحقدون أحياناً على أبيهم نفسه، والأب مأمور بأن لا يتعاطى من الأسباب ما يثير شيطان العقوق في نفس ولده" وجمهور علماء الأمة على استحباب العدل والتسوية بين الأولاد، وكراهة التفضيل بينهم في العطية، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((اعدلوا بين أولادكم في العطية)) بل كان يذهب إلى أبعد من ذلك فيأمر بالعدل حتى في التقبيل عليه الصلاة والسلام، ويقول أيضاً: ((إن الله تعالى يحب أن تعدلوا بين أولادكم، كما يحب أن تعدلوا بين أنفسكم))، وما جاءت هذه الأوامر والتوجيهات من رسول الله r إلا لأهمية هذه القضية في مجال التربية، ومنعًا للحسد والتباغض بين الإخوة، فقد "اتفق الباحثون على أن أشد العوامل إثارة للحسد في نفوس الأطفال، هو تفضيل أخ على أخ، أو أخت، أو العكس، والموازنة بين الواحد والآخر أمام عينيه، أو على مسمع منه" لهذا كان على الأب المسلم أن يتجنب أسباب التباغض، والتحاسد بين أولاده بإقامة العدل بينهم، وتوزيع محبته وحنانه عليهم، وإن كان ذلك صعباً في بعض الأحيان للغفلة أو النسيان، أو للميل الفطري إلى الابن الأصغر مثلاُ، أو إلى المطيع منهم، ولكن لابد للوالد أن يلاحظ ذلك من نفسه، وأن ينتبه له، فإن الأطفال يحسون ذلك ويعونه، ويدركون مظاهر التفريق في المعاملة، فإن لم يتدارك الوالد تحسين الوضع، ورد الأمور إلى نصابها في إقامة العدل بينهم، فإن الولد المظلوم ربما نهج السلوك العدواني مع إخوانه انتقاماً لنفسه، أو ربما أثر ذلك عليه وسبب له ضعفًا في التحكم في إفرازاته، إلى غير ذلك من مظاهر سوء التوافق النفسي الذي يمكن أن يصاب به الطفل المنبوذ.